Saturday, August 2, 2008

فرصة للحياة...




مستلقية وحدها فى عرض البحر, بعيدة عن اليابس , بعيدة عن الناس ... وحدها تحركها الأمواج الهادئة برقة... هى فى منتصف البحر ... لا تملك قرار الرجوع... فلا تملك إلا الإستسلام لهذه الرغبة القوية فى البقاء هنا...كما كانت تتمنى, بعيدة عن أعين الناس ... فى أمان بين احضان البحر الغامض... بلا أحلام .. بلا مستقبل .. هى وحدها تتحكم بمصيرها الآن... فلن تلاحقها نظرات الناس من جديد , لن ترى المزيد من الدماء, لن تعيش فى صراع مرة أخرى, لن تتألم , لن تجبر على فراق من تحب بعد الآن, لن تسمع ما لا يرضيها و لن تتطال أيديهم جسدها... لن تضحى , و لن تبكى من أجل الآخرين , لا قرارت و لا إختبارات...لا أكاذيب.. لا قلق , لا خوف ... لا مزيد من الشهوات , لا قيود .. لا احكام , لا مزيد من الألم ...
لا دليل على الحياة غير صوت أنفاسها...

نسيم الهواء يلاطف جسدها بإستمرار فاستسلمت لإحساس الهدوء هذا , تاركة الحياة وراءها بما فيها, متجاهله أفكارها و لكنها مازالت لا تستطيع نسيان الآمها. لم تستطع تجاهل هذا الناقوس بداخلها الذى يوسوس لها بأن حياتها تنتهى كل لحظة , ليربطها بألمها أكثر و يقتل الأمل داخلها, لم تستطع إسكات نحيبها المستمر , لم تستطع أن تصالح الحياة, فلابد ان تكون هنا النهاية, بالرغم من إدراكها أن الآمها غير مستحقة, و أن همومها لا تقارن بهموم و مصائب الآخرين, فهذا ما تقوله الحكمة التى إكتسبتها مبكرا بالرغم من صغر سنها, و لكن إحساسها يجد اللذة فى البقاء بعيدة, و حيدة...
تعلم أن سنها صغير و أن ما رأته فى الحياة قليل فيه من الرحمة ما يكفى ان تستمر حياتها بصفاء ... تدرك أن أخطائها طبيعية و تؤمن ان البشرية طبيعتها ضعيفة, و لكنها لا تتقبل فكرة ضعفها , و لا تقوى على إحترام نفسها بالرغم من إحترام الناس لها...
التناقض يهواها و لا يفارقها ... وهى لم تستطع مقاومة هذا الزائر الدائم و لو لمرة, فهو واقعى و منطقى ... فهى تعلم من هى و لكنها لاتزال لا تعى الكثير مما تفعله, لتكتشف انها لا تعلم شيئا...
هى وحدها الآن , كما تمنت.. هربت و لكن مازالت روحها عالقة فى الدنيا... الذكريات عالقة فى ذهنها ...
بدأت تنظر الى السماء فى هذا النهار المشرق, لكنها لم تستطه.. قوة نور الشمس لم تعطيها الفرصة ... حاولت تخيل السماء صافية و جميلة حتى تسرب بعض التفاؤل لروحها...
سكوتها هو المسيطر ... استغرقت فى النوم بالرغم من خوفها... فهى قطعة صغيرة من الخشب تحملها بدون أى حماية... و لكن نشوتها بأنها تحررت من الناس أعطاها إحساس بالأمان...
الظلام سيطر ... و هى إستيقظت ... فتحت عينيها على جمال النجوم المتلألئة فى السماء... هى قادرة على الرؤية بوضوح الآن.. و لكنها خائفة, فلون الأمواج أصبح داكنا مليئا بالغموض و الشر... و صوت الأمواج ينذرها بخطر قريب... خافت لأنها وحدها...
تفاجئت.. نعم فيها شىء يحب الحياة... و يخشى الموت... هى لم ترحب بألمها و لكنها لم تقاومه ايضا, أرادت الهروب و أحبت الوحدة,, و لكنها لا تنوى البقاء ايضا ... لعلها تستحق فرصة أخري للحياة... فالسعادة ليست هبة أو قدر و إنما إختيار...
لعل الحياة ذاتها تستحق منها فرصة أخرى , فدائما ما كانت تقدم لها الكثير من الفرص ...


هل تعود ام تستمر فى الإستسلام حتى يأتى أجلها سريعا ؟؟ هل تعود الى ما يؤلمها لتشعر بالأمان من جديد؟



و أستيقظت من حلمى ... و لم تسنح لى الفرصة معرفة قرارها... ترى هل سأعرفه يوما ؟