لكل زمن ما يميزه.. ولكل وقت ملامحه...
وزمننا هذا يميزه تمنى الموت... فلم تعد القبور مكان نتجنبه ولم تعد سيرة الموت مكروهة كما سبق ولم يعد التفكير فى الموت يقتصر على مرضى الإكتئاب... فمعظم الناس أصبحوا لا يقون على الحياة لدرجة جعلت الموت أجمل أمانيهم ..
كما يقول الشاعر :
(ألا موت يباع فاشتريه فهذا العيش ما لا خير فيه)
وزمننا هذا يميزه تمنى الموت... فلم تعد القبور مكان نتجنبه ولم تعد سيرة الموت مكروهة كما سبق ولم يعد التفكير فى الموت يقتصر على مرضى الإكتئاب... فمعظم الناس أصبحوا لا يقون على الحياة لدرجة جعلت الموت أجمل أمانيهم ..
كما يقول الشاعر :
(ألا موت يباع فاشتريه فهذا العيش ما لا خير فيه)
أيضاً قال الرسول عليه الصلاة والسلام أن يوم القيامة سيكون قريباً عندما يمر المرء بالقبور ويقول يا ليتنى كنت مكانه ... ((لا تقوم الساعة حتّى يمرّ الرجل بقبر الرجل, فيقول: ياليتني مكانه)
ومع ذلك نهانا عن تمنى الموت ... و أمرنا بالرضا والتمسك بالحياة ... لأن تمنى الموت اعتراض على حكمة الله , و فيه إعتراض على مشيئته وعلى قدره ... وعلم الخالق أنه سيأتى هذا الزمان الذى نتخيل فيه أن يصبح الموت أرحم لنا من الحياة ... أن نتوهم أنه الدواء.. أنه الراحة التامة.. أن نستسلم جميعاً لفكرة الرقود بسلام ناسين الحساب والعذاب الذى قد يلحق بنا ...
ومن يتمنى الموت ليس بالضرورة فقير أو معاق.. ليس بالضرورة كهل مُهمل أو مريض ضعيف أو مظلوم ومقهور ...
الجميع يتمنوا الموت لأنه لم يعد فى الحياة ما يشجع على البقاء.. لم يعد فيها ما يغري للاستمرار ...
لم يعد فيها النقاء والجمال القليل الذى تعودنا على تذوقه من حين الى آخر فينسينا الآلام التى تغمر نفوسنا ...
لم يعد فيها مكان يسع الفرحة .. لأن الأحزان هى الأقوى ...
ومع ذلك نهانا عن تمنى الموت ... و أمرنا بالرضا والتمسك بالحياة ... لأن تمنى الموت اعتراض على حكمة الله , و فيه إعتراض على مشيئته وعلى قدره ... وعلم الخالق أنه سيأتى هذا الزمان الذى نتخيل فيه أن يصبح الموت أرحم لنا من الحياة ... أن نتوهم أنه الدواء.. أنه الراحة التامة.. أن نستسلم جميعاً لفكرة الرقود بسلام ناسين الحساب والعذاب الذى قد يلحق بنا ...
ومن يتمنى الموت ليس بالضرورة فقير أو معاق.. ليس بالضرورة كهل مُهمل أو مريض ضعيف أو مظلوم ومقهور ...
الجميع يتمنوا الموت لأنه لم يعد فى الحياة ما يشجع على البقاء.. لم يعد فيها ما يغري للاستمرار ...
لم يعد فيها النقاء والجمال القليل الذى تعودنا على تذوقه من حين الى آخر فينسينا الآلام التى تغمر نفوسنا ...
لم يعد فيها مكان يسع الفرحة .. لأن الأحزان هى الأقوى ...
انعدم لدينا الشعور أو الإحساس بالبهجة.. ولا حتى فى مناسباتها.. فليس للأعياد طعم.. ولا فى الأفراح بهجة.. لم نعد نستقبل رمضان بنفس الشوق ولا نودعه بنفس الحرارة والحزن.. لم نعد نشعر بالوقت.. لم نعد نحتمل بعض ...
الصراخ هو الأسهل.. الصوت العالى هو فقط الذى يسمع ... العنف هو السائد حتى فى أفكارنا وأحلامنا ...
لم يبقى فيها ما يشوقنا إليها إلا أن تنسى ذاتك وتقرر التضحية من أجل إزالة هموم الآخرين ...
جئنا للحياة بالألم وسنتركها بألم وما يبقينا فيها خوف من المجهول وشفقة يسببان لنا الذعر والألم ليبقينا فى الحياة الألم أيضاً .
الإبتسامات أصبحت باهتة .. الجرائم علنية والظلم بين.. الإشارات الحمراء أصبحت بلا قيمة .. فكسر القوانين أصبح مداعاة للفخر .
نتمنى الموت لأن الحياة اصبح لونها باهت والعلاقات بين الناس أصبحت فاترة ... فغاب عنا شكل الأسرة المجتمعة وأصبح الترابط الأسري وهم فى خيالنا أو شبح من الماضي عند ذكره نتنهد ...
نتمنى الموت لأننا نجد فيه حياة قد تكون أرحم وأقل قسوة ... نجد فيه المنقذ من هلاك يتزايد ولا يقوى أحد على إيقافه...
نتمنى الموت لأننا نجد فى هروبنا الحل المتبقي لهزيمة آلامنا ...
نتمناه لأنه هو الوحيد الذى نجهل ألمه.. كمن يتزوج معتقد أن حياته الجديدة ستكون مثالية وسيتخلص من كل آلامه السابقة ... ليفاجئ بها قادمة كالعاصفة القوية ولكنه وحده سيواجهها هذه المرة...
هو خيالنا الوهمى وفكرنا الضيق الذى يرينا الموت فى أفضل أثوابه..
هكذا نأمل الحياة فى الموت وهو فى الحقيقة الهروب إلى الهلاك ... فألمنا فى الحياة لا نتحمله وحدنا فدائماً هناك من يساندنا بشكل أو بآخر .. هناك من نستطيع طلب مساعدته.. بينما سنواجه عذابنا وحدنا بعد الموت ... وليس هناك طريق للعودة !
ولكن الموت الذى نتمناه ليس هو الموت الذى سنذوقه بالفعل.. فرؤيتنا عن الموت مختلفة.. فهو راحة و سلام.. رقود بلا رجوع.. سكون لا يمكن إختراقه ... هروب لن يفسده أحد ... تخلص من كل الآلام والمتاعب.. المشكلات ..الجروح والصدمات ... كل ما يمكن أن يدمر أو أن يعكر صفو هذا السكون ...
إنه إعلان عن إختفاء كامل وشامل و أبدي لهذا الكائن من على وجه البسيطة ... إنه إعلان عن إزالته من الوجود.. إنتصار على الحياة الى الأبد.. أنه ذهاب بلا عودة ... إنه ما نتمناه فى الموت ...
نتمناه بدون حساب.. بدون رجوع.. بدون بعث... بدون عذاب أو ثواب ...
لو كان يمكننى أن أتوسل إلى الله أف س ن ينعم على بهذه النعمة... لكنت فعلت منذ أمد.. و لا أعلم هل يعتبر هذا اعتراض على قدره ومشيئته ... ولكنه تمنى الأفضل من وجهة نظري... لماذا وهبنا الله نعمة الدعاء إن كنا لن نسأله عن ما لا يقدر عليه غيره... إن كنا لن نسأله على ما نأمل فى الحصول عليه...
ولكنه مستحيل لأنه ضد مبدأ العدالة ... لأنى اعلم أنه لو ممكن تحقيق حلمي.. لطلبه الجميع دون إستثناء.
ولذلك سيظل حلم لن تغيب عنه الشمس لأنه مستحيل ...
و فى النهاية إنه جهلنا بحقائق الموت ما يجعلنا نتمناه... وإنه أملنا فى المجهول الذي لن يكشف عن اسراره إلا فى ميعاده لكل منا...
ويقينى أن الجميع على الأقل فى لحظة من حياتهم قد تمنوا الموت ولكن أملي أن ننظر إلى الحياة بشكل مختلف.. فالألم هو أصدق وأجمل ما فيها.. فهو خير إذا تفكرنا فى الحكمة من وراءه.. فهو ابتلاء.. وللابتلاء ثلاث فوائد أو درجات: الدرجة الأولى : محو السيئات و تكفير الذنوب.. الثانية : زيادة ومضاعفة الحسنات و الثالثة: رفع درجة فى القرب من الله سبحانه وتعالى ... والمؤمن مصاب.. لذا إبتلاءه رضا وألمنا فى النهاية رأفة بحالنا ... فكفانا تمني الموت.. تمنى المجهول.. لأن الأفضل بالضرورة هو فى الحياة ... فى الصبر ..
قد اخترت الكتابة عن تمني الموت لأنه كان يوماً من الأيام كل أحلامي ... تمنيت الموت و كلي أمل أن أتخلص مني إلى الأبد... دون تردد .. دون رجوع ودون شروط...
بالأخير هو أمنية... مشروعة فى خيالنا ومنهية فى حياتنا ككثير من الأشياء ...
ولكنى إنتظرت طويلاً ليحدث.. فلم أمت ولم أعش...
ولم أجد فى تمني الموت لذة أو راحة بقدر ما كانت تغمرني الكآبة ويسيطر علي الظلام... و لكني وجدت فى الصبر قوة وراحة وفرصة لا يعطيها الله كثيراً, ولأن المؤمن مصاب .. فأسأل الله أن يصيبنا فى حياتنا وليس فى موتنا ..
اللهم اجعل الحياة زيادة لنا فى كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر...